معركة العقاد وشوقي المستعرة
ربما لم ير العصر معركة نقدية مستعرة كما رأى من معركة الديوان مع شوقي وغيره ، وبخاصة شوقي، فقد كانت معركة قائمة على أساس نقدي جديد ، ولا يدفع هذا القول بحدة كتاب " على السفود؟ المرافعي ضد العقاد ولا مقالات المازني في " الديوان" عن عبدالرحمن شكري ، فإن " علي السفود" شجاع مقذع، لا يقوم على منهج نقدي يعتد به ، ومقالات المازني وان اتشحت بمفهوم نقدي ، إلا أنها استخدمته لأدنى ملابسة، ولذا تبقى معركة العقاد مع شوقي حدا فاصلا بين عهدين كما جاء في مقدمة الديوان.
ولكن متى بدأ الخلاف ؟ أو بدأت علاقة العقاد بشوقي حتى وإن كانت علاقة قطيعة ؟ كان شوقي – كما هو معروف- شاعر القصر وكان العقاد رجلا من الشعب ، أما عن أول لقاء للعقاد للعقاد بشوقي فقد كان الأول محررا صحفيا والثاني باعتباره مدير الإدارة العربية في القصر ، وكان للعقاد تساؤلات صحفية توجه بها إلى شوقي ، وذهب إلى داره في عين شمس قبل انتقاله إلى كرمة ابن هانيء على النيل ، ويحكي العقاد أنه التقى بشوقي في قاعة الاستقبال ، وفيها صورة الخديو ، وصورة لنهر النيل مرفقة بها الآية الكريمة " أليس لي ملك مصر، وهذه الأنهار تجري من تحتي" وحدث اعتراض من العقاد على ذلك ، بأنها فأل سيء حيث غرق فرعون ، ونفر شوقي كعادته من الاعتراض ، وتمت المقابلة التي لم يسترح إليها العقاد ولا مزوره .
تلك خلاصة لهذه المقابلة كما ذكرها الأستاذ عامر العقاد – رحمه الله- والأستاذ أحمد عبد الغفور عطار ، وهي رواية إن حدثت تدل على سوء ذوق شوقي ، وعلى عدم مجاملة العقاد .
وفي الورقة فقد كان أول لقاء نقدي للعقاد بشوقي حين رثى الأخير بطرس غالي قائلا :
القوم حولك يا ابن غالي خشع
يقضون حقا واجبا وذماما
يتسابقون إلى ثراك كأنه
ناديك في عهد الحياة زحاما
يبكون موئلهم وكهف رجائهم
والأريحي المفضل المقداما
فكتب العقاد أكان يريد أن يقول : إن زائري قهر الرجل ، وفيهم ساداته الأمراء والوزراء والعظماء والعلماء .. كلهم ممن كانوا يقصدون من ناديه موئلا وكهف رجاء .، أم أنه أراد أن يقول كما قال الناس في هذا المعنى فأخطأ التقليد أم لعله كان لا يريد أن يقول شيئا؟ صدر هذا الكلام سنة 1912 ولم يكن شوقي ممن يتصدون المرد على ناقديه بل كانت له أقلام خاصة في الصحف تدافع عنه .
وعندما أخرج شوقي " قمبيز" نقدها العقاد في كتاب " قمبيز في الميزان " وفيه نقد لموضوع المسرحية ونظمها ولغتها ن وقد أرجع العقاد مقاييسه النقدية لثلاثة ، الأول أن الشعر قيمة إنسانية وليس بقيمة لسانية ، وأن القصيدة بنية حية وليست قطعا متناثرة ، وثالثا أن الشعر تعبير والشاعر الذي لا يصبر على نفسه صانع وليس بذي سليقة إنسانية ، وارتأى العقاد أن نصيب شوقي ضئيل إذا طبقت عليه تلك المقاييس .
** من ورقة "عبداللطيف عبدالحليم" في احتفالية حافظ وشوقي.
أعاد المجلس الأعلى للثقافة بمصر طباعة الآثار الكاملة التي كتبها كل من أمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم بمناسبة احتفال بدأ الاحد بمرور 75عاما على رحيلهما.
واعتبر بعض المتحدثين في ندوة (حافظ وشوقي) التي افتتحت بدار الأوبرا المصرية أن إعادة التذكير بدور حافظ وشوقي كأبرز رائدين لحركة الشعر العربي الحديث تعني إعادة الاعتبار لقيمة الشعر نفسه فكلا الشاعرين " أثرى تاريخ العربية شعرا ونثرا" على حد وصف الناقد علي أبو شادي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة.
وفي افتتاح الندوة التي تستمر أربعة أيام تحدث الشاعران المصري أحمد عبد المعطي حجازي والسوري سليمان العيسى عن أثر شوقي وحافظ في الأجيال التالية.
كما قال أحمد فتوح أحمد الأستاذ بجامعة القاهرة إن حركة إحياء الشعر العربي التي حمل لواءها المصري محمود سامي البارودي في نهاية القرن التاسع عشر كانت "أكثر أنهار الإحياء تدفقا وغزارة" مضيفا أن شوقي كانت لديه "حساسية مذهلة بأسرار النغم اللفظي وتحكم أصيل في ناصية الأسلوب".
وتناول في بحث عنوانه (شوقي وسؤال الإمارة) قضية إمارة شوقي للشعر حين بايعه معاصروه في ابريل نيسان 1927أميرا للشعراء موضحا أن القيمة الإبداعية لشوقي ليست مجرد ماض "ولا هي استعادة على سبيل الحصر للذاكرة بل هي قيمة فنية متجددة" وأن شعره الذي استثمرت قصائد كاملة منه في الغناء أدى إلى توطيد مكانة العربية الفصحى.
وشدا كثير من المطربين بأشعار شوقي وحافظ ومنهم محمد عبد الوهاب الذي قدم كثيرا من قصائد شوقي الذي تبنى عبد الوهاب في بداياته. وغنت أم كلثوم قصيدة حافظ (مصر تتحدث عن نفسها) ونحو عشر قصائد لشوقي منها (ولد الهدى) و(قصيدة السودان) و(نهج البردة) و(سلوا قلبي) و(إلى عرفات الله).
وتشمل الندوة التي ينظمها المجلس الأعلى للثقافة أمسية شعرية غنائية من قصائد شوقي وحافظ المغناة إضافة إلى عرض لمشاهد من مسرح شوقي بمركز الإبداع بدار الأوبرا بمشاركة ممثلين منهم محمود ياسين وأحمد عبد الحليم وعايدة عبد العزيز وأشرف عبد الغفور وسهير المرشدي.